يعشق شبابنا كل ما هو جديد ومثير في هذا العالم الذي ضيقت التكنولوجيا مساحاته الواسعة بما تطرحه من أدوات، وهذا حق لا نستطيع مصادرته، فجميعنا يسعى بشتى الطرق إلى حرق المراحل والظفر بتعلم الجديد والمفيد والمثير في نفس الو قت..
لكن ما يثير ويبعث على التساؤل، هو تأثير ما تجلبه العولمة على الفكر والهوية، فنحن نعيش ونحيا في مجتمع مفتوح ومنفتح على الآخر، وهذا أمر ممتاز لأننا في صلب هذا العالم، ولكن بقدر ما هو جيد من الناحية النظرية، إلا أن هذا الأمر له سلبياته إذا لم ننتبه لأبعادها..
العولمة ليست موجهة فقط نحو المال والاستهلاك، بل هي غزو ثقافي متكامل، موجه إلى ثقافة الإنسان ولغته وفكره. المثير أننا بأيدينا نساعد صانعي العولمة على اختراقنا والتأثير على هويتنا، من خلال وسائلنا الإعلامية ومحطاتنا الفضائية التي خلعت رداء الهوية واستبدلته برداء آخر لا يمثلنا ولا يسترنا أبدا.
ومن هنا يجب التمسك بكل ما يمثل هويتنا؛ من ملبس ومطعم وعادات وتقاليد ولغة، والمحافظة على ثقافاتنا وقيمنا الإيجابية المكتسبة على مر العصور، والتشبث بها وتقديرها، وإبرازها في الحياة اليومية بحيث تصبح منهاج حياة وعمل..
الوعي بالهوية هو طوق نجاتنا فقط من الانجراف نحو تيار التبعية المثير، وهو ما سيحمينا من الانقياد وراء العولمة وتأثيراتها على نشاطنا الإنساني، لذا علينا ألا ندخر جهدا في التخلص من سلبياتها المؤثر في الهوية، وأن نعمل على رسم أبعاد هويتنا ونحفرها عميقا في زوايا المجتمع، بكل ما نملك من وسائل فاعلة وقادرة على إحداث مثل ذاك الأثر، وأن نحافظ على ثقافاتنا المحلية لكي لا نذوب، وتضيع مقومات شخصيتنا، ونصبح صورا ممسوخة.
يجب أن تتاح لشبابنا الوسائل للتعامل مع الثقافة العالمية، بمنهجية قادرة على الانتقاء والاختيار، ولن يتأتى ذلك إلا بتأكيد الهوية الوطنية، عن طريق تعزيز لغتنا وثقافتنا وموروثنا وقيمنا العربية والإسلامية.. الطريق شاقة وطويلة، ولكن بمقدور المخلصين تحقيق الهدف إذا ما صدقت النوايا وخلصت للوطن